.

تحديد اللغة

الأحد، 26 مايو 2013

كلام خطير دعوة البابا تواضروس للإسلام



د إميل شكرالله
قرأت في جريدة الوطن المصرية في عددها الصادر يوم الأحد 04-11-2012 أن سلفيين يدعون البابا تواضروس الثاني بابا الكنيسة القبطية إلى الدخول في الإسلام. هذه الدعوة جعلتني أتذكر ما كان يردده البعض من ذوي التفكير الأحادي عندما كانوا يصرحون ليل نهار بأنهم يؤمنون أن الدين الإسلامي هو الدين الحق وانه سوف يسود العالم اجمع وكنت أجيبهم أنه هكذا يقول كل أصحاب الديانات الأخرى. وحتى الملاحدة يؤمنون أن قيم الإلحاد هي التي سوف تسود العالم اجمع ولن تشترك البشرية إلا في القيم الإنسانية المشتركة للمواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية. وجعلتني أيضا أتذكر هذا الحوار الشيق. فقد كان مجتمعا عدد من الزملاء أعضاء هيئة التدريس المسلمين في غرفة أحدهم وعندما دخلت إليهم بادرتهم بالتحية قائلا "السلام عليكم" فردوا جميعهم التحية بالمثل إلا احدهم رد التحية هكذا "السلام على من اتبع الهدى". هذا الرد لم يزعجنِ لأنه يذكرني بابن أبي بلتعة، حامل الرسالة النبوية إلى المقوقس عظيم القبط " سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، فأسلم تسلم..... لكن ما أشعل الموقف حرارة هو كلام أحد الاساتذة المحترمين عندما وجه حديثه إلى هذا الدكتور قائلا يا دكتور كلماتك فيها أهانه وكأنك تريد أن تقول أنه كافر ونسيت ان أهل الكتاب ليسوا كفارا. عندئذٍ وجهت حديثي إلى الحضور قائلا اعتقد انكم قد فهمتموه بالخطأ فهو لم يقصد اتهامي بالكفر وإنما العكس فهو يؤكد انني من أهل الكتاب أهل التوحيد والهدى والنور قبلما جاء الاسلام بمئات السنين. وذكرتهم بما جاء في القرآن الكريم" وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة واتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين" سورة المائدة. انزعج الدكتور من كلامي قائلا أنت وهم لا تعرفون في العلوم الشرعية كما اعرف كما أن إنجيلكم وصفه القرآن بالمحرف ولا تنسى أن الإنجيل أصلاً مكتوب باللغة اليونانية ثم ترجم بعد ذلك إلى جميع اللغات فكيف ذلك وقد كانت لغة المسيح وتلاميذه هي اللغة الآرامية؟ أين النسخة الآرامية؟ هنا تيقنت أنه لم يلتفت إلى إجابتي الأولى ليفهما وربما لم يسمعها وتحول بقدرة قادر إلى موضوع تحريف الإنجيل!! على أية حال فقد وجهت كلامي إليه قائلا أسمع يا عزيزي وأصغي جيدا إلى كلماتي. في العقيدة المسيحية السيد المسيح لم يكتب انجيلا لأنه كان نفسه هو هذا الانجيل فهو كلمة الله التي يكتبها الأنبياء والمرسلين. وأكيد انت تعرف أن هناك فرقا كبيرا بين كلمة الله وكلمة الإنسان. فالإنسان العادي يكتب كلامه بنفسه أو يكتبه غيره نقلا عنه ولكن كلمة الله ليست بحاجة إلى ان تكتب نفسها لأنها فعل إرادة. نعم هي فعل "كن يكون". ولذلك كانت كلمة الله (المسيح) تجول تصنع خيرا كما يخبرنا الإنجيل.. إن كلمة الله يكتبها الأنبياء والرسل والحواريون. ولذلك تجد أن وحي كلمة الله نزل على الأنبياء بواسطة ملاك إلا السيد المسيح فلا وجود عنده لجبريل ينقل له وحي السماء وكلمات الله للبشر لأن السيد المسيح هو نفسه هذه الكلمة الإلهية وبالتالي لا حاجة له لجبريل. قاطعني قائلا المسيح مثله مثل آدم. قلت له نعم عزيزي آدم والمسيح مثلهما مثل بعض تماما من ناحية الجسد الإنساني هذا حق ولكن الفرق كبير بين آدم المخلوق بالكلمة الإلهية والمسيح الذي هو نفسه هذه الكلمة الإلهية التي خلقت آدم. لأن الله سبحانه خلق الوجود كله بكلمته وهذه الكلمة العاقلة القادرة الفاعلة النافذة لم تفارق الله لحظة ولا برهة عين فهي ازلية لا يمكن ان يوجد الله بدونها. وهي حية مادام الله حيا. ولذلك نجد أن السيد المسيح لم يكتب انجيلا بيده ولا باللغة التي تكلم وتحدث بها لأنه هو ذاته هذه الكلمة الإلهية. ولكن كتبت الأناجيل بواسطة تلاميذه الذين عاشوا معه وشاهدوا وعاينوا ماذا قال وماذا صنع. كتبوا بلغات مختلفة لأقوام مختلفة وترجمت الاناجيل بكل لغات العالم لكل سكان العالم. ولا يمكن لإنسان مهما كان أو حتى لشيطان ما أن يكتب أو ينقل خطأ عن كلمة الله...فلا تحريف ولا تأويل ولا تبديل لكلمة الله. نعم يؤمن المسيحيون حسب عقيدتهم أن الإله لم يتحول إلى بشر ولا كلمة الله تحولت إلى بشر لأن كلمة الله تملئ الوجود كله ولا حدود لها في المكان والزمان.. ولكنها في لحظة ما (ملء الزمان) صار لها جسدا من العذراء مريم بمعنى انها لم تتحول إلى كائن آخر وإنما صار لها جسد انسان كامل يأكل ويشرب ويحيا كأي إنسان بما تحمله الكلمة من معنى ما عدا الخطيئة فكلمة الله لا تخطيء أبدا ولا يمكن للشيطان أن ينخسها أو يتسلط عليها بل يهرب من أمامها منهزما مكسورا مقهورا كما هو مكتوب في الإنجيل الشريف.
في الواقع أن من يقرأ في عقيدة المسيحيين يجد أن أول جملة في قانون الإيمان المسيحي الذي يردده كل مسيحيي العالم من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال للجنوب تقول" بالحقيقة نؤمن بإله واحد خالق السماء والأرض".
أيها السادة لن تنجو الأمة العربية من مستنقعات التخلف والفقر والغباء المجتمعي ولن تنهض إلى حياة الرخاء والحرية والكرامة والتفوق العلمي والحضاري إلا بتغيير الثقافة الدينية التي لا تفهم ثقافات وعقائد الآخرين ولكن تهاجمهم بجهل ليل ونهار وتسبهم وتعاملهم بطريقة نحن الأعلون بدون مبررات التفوق العلمي والثقافي والأخلاقي..
بغير ذلك سيظل العالم العربي في ذيل قائمة دول العالم وربما يدمر نفسه بنفسه. سلام الله عليكم ولكم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق